محمد عزيز سرور
عدد الرسائل : 16 العمر : 70 الموقع : ذو الفقار تاريخ التسجيل : 07/02/2009
| موضوع: أدب الزمان . ؟ الجمعة فبراير 13, 2009 7:23 pm | |
| أدب الزمان 00 ؟
أدب الزمان , أو أدب الوقت مصطلح أطلقه بعض علمائنا القدامى على ما ينبغي أن يتحلى به الفرد من آداب وأخلاق , وعلى ما ينبغي أن يقوم به من أعمال ٍ ويقفه من مواقف انسجاما ً مع الزما الذي يعيش فيه 0 تتولد في كل زمان ظروف وأوضاع جديدة , وهي تتطلب نوعا ً من الاهتمام الخاص والجدي بأمر من الأمور , أو الاهتمام بخلق من الأخلاق 0 أمثلة : - يتطلب منا انتشار الجهل في بلد من البلدان أن نعتم بالعلم , وحين يكون هناك اهتمام واضح بالعلم لدى الناس فلسنا في حاجة إلى أن نتحدث عن إرسال الناس أولادهم إلى المدارس ما داموا يفعلون ذلك , لكن حين ينتشر الجهل في أمة , فحين ذلك يكون من أدب الزمان ومن أدب الوقت أن نركز على أهمية العلم في حياة الناس 0
- عندما نكون في زمان أو في بيئة معينة ينتشر فيها الفقر , يكون من أدب الزمان حينئذ أن نحث الناس على العمل , وعلى كسب الرزق , وعلى اكتساب حرفة يعيش الناس من ورائها , ونحثهم على التدرب , وعلى اكتساب مهارة من المهارات 0
- وعندما نكون في بيئة أو في زمان أو تحت غزو ثقافي , وتخضع لوافدات ثقافية تفد على الأمة 00 في هذه الحالة يجب علينا أن أن نشرح للناس كيف يوجدون الحصانة الخلقية من تلك الوافدات ؛ أي : نقوم بشرح واضح ومُكثف لطبيعة تلك الوافدات التي تفد علينا , والأضرار التي يمكن أن تتركها , ونشرح للأمة كيف يكون في إمكانها أن تحصن نفسها من تأثير تلك الوافدات 0
ينشغل الناس أحيانا ً بالدنيا والمادة , وتأتي عليهم موجة ٌ يصبح جلُ اهتمامهم فيها بالطعام والشراب , والحديث عن المطعم الفلاني وهذا أطيب , وهذا أرخص , وهذا من البلد الفلاني , وهذا من كذا 00 في هذه الحالة يجب علينا أن نواجه هذه الموجة ليس بالاستسلام لها , وإنما أدب الزمان وأدب الوقت يوجب علينا أن نجعل أنظار الناس باستمرار مشدودة نحو الهدف الجوهري من وجودنا على هذه الأرض , وهو كسب رضوان الله تعالى 0 والسؤال الذي يطرح نفسه دائما ً
كيف السبيل إلى معرفة أدب الوقت وأدب الزمان ؟ كيف يستطيع الإنسان أن يعرف أن أولوية التصرف , وأولوية العمل , وأولوية الموقف في هذه المرحلة , وفي هذه البيئـــة هي كذا وكذا 0 ؟ هذا في تصوري سؤال وجيه وملح , لأن المشكلات أحيانا ً تطوقنا من كل جانب , ولا يشعر كثير من الناس بأن هناك مشكلة , ويظنون أن الأمور طبيعية , ولكن بعد مرور مدة من الزمان يشعرون أنهم صاروا في حالة شبه ميئوس منها , وتتولد أمراض خلقية واجتماعية كثيرة , ولو انتبهوا إلى المشكلة التي هُم فيها من قبل لما وصلوا إلى تلك الحالة 0
أهمية القراءة 00 ؟ إن من جملة ما يساعدنا على معرفة أدب الوقت أن نقرأ , هناك الآن كتاب كثيرون من كل الاتجاهات يتحدثون عن أزمات وعن مشكلات , وعن تحديات 00 ونحن عندما نقرأ نكون على صلة بالكتاب وبالمجلة ؛ أس : نعرف فيم يفكر المثقفون , والأشـياء التي يشعرون بأنها تُشكل مشكلة للناس في تلك المرحلة 0
الاحتكاك بالعلماء 00 إن من جملة ما يساعدنا على معرفة أدب الوقت الاحتكاك بأهل العلم والأساتذة والسماع منهم : من تشخيصهم للأوضاع الحاضرة , من تشخيصهم للتحديات , من رؤيتهم للمستقبل , من حثهم للناس على أن يتصرفوا تصرفا ًُ معينا ً أو يسلكوا سلوكا ً معينا ً 00 نستطيع أن نعرف بهذا السماع وبهذا الاحتكاك طبيعة الحالة الراهنة وما تتطلبه تلك الحالة من عمل 00 والمحاضرات والأشرطة الصوتية والمرئية 00 لها فوائد متنوعة أيضا ً 0 المقارنة 00 إن من جملة ما يساعدنا على معرفة أدب الوقت التأمل والتفكر , أي : أن نتأمل ونتفكر ونقارن ما بين نحن فيه الآن , وبين ما كنا عليه قبل عشرين أو ثلاثين سنة 0 نقارن أيضا ً بين ما نحن فيه الآن , وبين ما فيه أمة مجاورة أو شعب مجاور لنا 00 نقارن حال بحال , لتتضح لنا الميزات الموجودة لدينا والميزات الموجودة لديهم , والنقائص الموجودة لديهم والنقائص الموجودة لدينا 0
محاسبة النفس 00 ؟ [b] إن من جملة ما يساعدنا على معرفة أدب الوقت محاسبة النفس على بعض الأخطاء , وبعض التصرفات ؛ فالمحاسبة تضيء البصيرة وتضيء الطريق أمامنا 0 [b]إن أدب الزمان هو أن نعيش زماننا على أفضل وجه ممكن ٍ يُرضي ربنا سبحانه وتعالى , وهذا هو خلاصة الموضوع , أي : أن نكتشف ما يقربنا من الله وما يبعدنا عن غضبه : في لحظة ما , في ساعة ما , في موقف ما , في مرحلة ما 0 حين نقول : هذه معاصرة أو هذه عصرية أو هذا إنسان يعيش زمانه , أو هذا إنسان يعرف كيف يعيش , أو هذا إنسان مدرك لطبيعة المرحلة التي نحن فيها 00 يظن كثير من الناس حين نطلق مثل هذه المصطلحات أن ذلك لا يعني إلا شيئا ً واحدا ً , وهو الضغط على أنفسنا للتلاؤم مع المستجدات , ولو أدى هذا الضغط إلى أن نتراجع قليلا ً , أو أن نتخلى عن بعض القيم والمبادىء 00 فإذا تلائمنا مع المستجدات كنا جماعة عصريين , وإذا لم نتلاءم كنا رجعيين , أو متخلفين 0 !
هذا الكلام ليس صحيحا ً بالتأكيد , وليس مقبولا ً , لأنه ينافي الرؤية الإسلامية , وينافي الثوابت والقطعيات التي نؤمن بها 0 علينا أن نفرق بين المعاصرة والعصرية [b]المعاصرة : أن نبحث عن الجيد والمفيد , سواء أكان قديما ً أم كان جديدا ً , وسواء أكان هذا الشيء الجيد عندنا أو عند الآخرين 0 وقد نعثر على هذا الشيء الجيد في حكمة قديمة , أو نموذج قديم , وقد نعثر عليه في شيء جديد , وقد يكون هذا الشيء لدينا نحن , وقد يكون لدى أمة أخرى 0والمعاصرة تعني ألا نسير خلف كل جديد ؛ لأن بعض الجديد خطأ ’ أو تخريب أو إساءة 0
[b]أما العصرية : فهي أن يعيش الإنسان عصره حسب المفهوم الخاطىء الذي ذكرناه قبل قليل 0 إذا ً أدب الزمان أو أدب الوقت يعني أن ننطلق من مواقفنا – في تصرفنا في سلوكياتنا في علاقاتنا – من أمرين :
الأخلاق والآداب , والمفاهيم الإسلامية : وما يلائم تلك الأخلاق والآداب , وما يتماشى معها من متطلبات الزمان الذي نعيش فيه 0 هناك أخلاق وآداب ومفاهيم تشكل ثوابت , تشكل إطارا ً للحركة , وتشكل إطارا ً للتفاعل 00 نحاول داخل هذا الإطار أن نستجيب لمتطلبات الزمان دائما ً محدودة , ولن تكون مطلقة , بل مقيدة , والذي يقيدها هو الثوابت والآداب والأخلاق والمفاهيم والعقائد التي نؤمن بها 0 نحن – كما يرى بعض الباحثين – نعيش في ظل أول حضارة علمانية في تاريخ البشرية لا تؤمن بوجود الله عز وجل , ولا تقيم لتعاليمه أي وزن , وهي أول حضارة يتحدث الناس فيها عن حقوق الحيوان , وعن حقوق البهائم , وعن حقوق الطبيعة , وعن حقوق الجماد 00 لكن حقوق الله عز وجل ليس هناك من يتحدث عنها , بل أن هناك من يستحي من أن يُجري على لسانه كلمة ( الله ) 0 !
لهذا فمن المتوقع أن نلاقي في هذا الزمان الذي نعيش فيه الكثير من الأشياء التي لا تليق بنا , والكثير من الأشياء التي لا تناسبنا , والتي علينا أن نقف منها موقفا ً صُلبا ً وقويا ً 0 وفي هذا الكتاب سأستعرض بعض ما أظن أن علينا أن نهتم به , وبعض ما علينا أن نحمي أنفسنا منه , ودائما ً هناك شيء نقاومه , وندفعه , أو نتخلص منه وهناك شيء نعتم به , هناك شيء نقتنيه . وهناك شيء ننميه في حياتنا 0ولا شك في أني لا أستطيع أن أذكر كل ما ينبغي ذكره , وما يتسع المقام للتفصيل في كل ما يحتاج إلى شرح وتفصيل , فلنقتصر إذا ً على ما نظن أنه مهم 0 ؟ ------------------------------------------- المصدر : سلسلة البناء والترشيد ( أدب الزمان ) للأستاذ الدكتور : عبد الكريم بكار | |
|