مؤتمر ( جامنيا ) jamnia
قد يقول قائل : بالطبع قصة القانونية معروفة 0 لقد اجتمع بعض القادة وقرروا أي الكتب نافعة لعم ثم دفعوا أتباعهم إلى قبولها ولكن هذا أبعد ما يكون عن الصواب ! فقد جرت مناقشات بين علماء الدين اليهود بعد سقوط أورشليم عام 70 م , قام أحد العلمــاء من
مدرسة هليل , من طائفة الفريسيين , أسمه يوحنان بن زكاي , وحصل على تصريح من الرومان بإعادة تشكيل السنهدريم على أساس
روحي في جامنيا ( تقع بين يافا وأشدود ) وقد وصلتنا بعض المناقشات التي جرت في جامنيا , من ضمنها مناقشة حول قانونية أسفار
الأمثال والجامعة ونشيد الأنشاد وأستير , على أساس أن سفر أستير مثلا ً لم يرد فيه ذكر اسم الله , والجامعة يصعب أن يقبل أفكاره بعض المحافظين , ولكن مناقشات جامنيا انتهت بالإعتراف بالأسفار التي عندنا على أنها الكتب المقدسة 0
أسفار غير قانونية بالعهد القديم :
(1) الأسفار غير القانونية , المعروفة بالأبوكريفا , كانت من تسمية القديس إيرونسيموس في القرن الرابع المسيحي , فهو أول من أطلق اسم الأبوكريفا على هذه الكتابات , ومعناها ( الكتب المخبأة ) 0 أما أسباب رفض هذه الكتابات فهي :
أ – بها كثير من الأخطاء التاريخية والجغرافية 0
ب – تعلم عقائد خاطئة وتركز على ممارسات تخالف الأسفار المقدسة الموحى بها 0
ج – تلجأ إلى أساليب أدبية , وتعرض محتوياتها المصطنعة بأسلوب يختلف تماما ً عن الأسفار المقدسة الموحى بها 0
د – تنقصها المميزات التي تنفرد بها الأسفار الصادقة , كالنبوات والأحاسيس الدينية 0
(2) ونقدم هنا ملخصا ً لكل سفر من هذه الأسفار غير القانونية :
أسدراس ( عزرا ) الأول :
( نحو 150 ق0م ) يحكي عن رجوع اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلي , ويستمد الكاتب معلوماته من سفري الأخبار وعزرا ونحميا مع إضافة بعض الأساطير 0 أهم ما به قصة الحراس الثلاثة الذين كانوا يتجادلون عن أقوى ما في العالم , فقال أحدهــم :
( الخمر ) وآخر ( الملك ) وثالث ( المرأة والحق ) ووضعوا هذه الإجابات الثلاث تحت وسادة الملك 0 فلما وجدها , دعاهم ليدافعوا
عن وجهات نظرهم , ووصل الجميع إلى أن الحق هو الأقوى 0 ولما كان زربابل هو صاحب الإجابة الصائبة , فقد منحه الملك تصريحا ً بإعادة بناء الهيكل في أورشليم , كمكافأة له 0
أسدراس ( عزرا ) الثاني :
( نحو 100ق0م ) وهو كتاب رؤى يحوي سبع رؤى 0 وقد تضايق مارتن لوثر من لخبطة هذه الرؤى حتى قال إنها يجب أن تلقى في البحر !
( سفر طويبا ) :
( في مطلع القرن الثاني ق0م ) – رواية قصيرة , فريسية في نيرانها , تركز على الشريعة والأطعمة الطاهرة والغسلات الطقسية والإحسان والصوم والصلاة 0 وتقول إن العطاء والإحسان يكفران عن الخطية 0 وهذا أكبر دليل على زيفها 0
( سفر يهوديت ) :
في مطلع القرن الثاني ق0م ) – رواية قصيرة , فريسية خيالية بطلتها أرملة يهودية جميلة إسمها يهوديت 0 عندما حوصرت مدينتها
أخذت خادمتها ومعها طعام يهودي طاهر, وذهبت إلى خيمة القائد المهاجم , فراعه جمالها وأعطاها مكانا ً في خيمته 0 وعندما سكر
قطعت رأسه بسيفه , وغادرت المعسكر مع خادمتها ومعها الرأس في سلة , فعلقوه على سور مدينة قريبة , وهكذا انهزم الجيش الآشوري الذي أعوزته القيادة 0
( إضافات سفر أستير ) :
( نحو 100 ق0م ) أستير هو السفر الوحيد الذي لم يرد فيه اسم الله 0 ويقول إن أستير ومردخاي صاما , , لكنه لم يذكر أنهما صليا
ولتعويض هذا النقص زيدت صلاة طويلة نسبت إلى الإثنين , كما زيدت رسالتان منسوبتان للملك 0
( حكمة سليمان ) :
( نحو 40 م ) كتب ليحفظ اليهود من الوقوع في الشك والمادية والوثنية 0 وهو يتحدث عن الحكمة باعتبارها شخصا ً ( كما في سفرالأمثال ) 0 وفي السفر أفكار كثيرة نبيلة 0
حكمة ابن سيراخ :
( نحو 180 ق0م ) يبلغ مرتبة عالية من الحكمة الدينية , شبيهة بعض الشيء بسفر الأمثال , ويحوي نصائح عملية , فيقول مثلا ً عن الخطاب الذي يُلقى بعد العشاء : تحدث باختصار , فإن ما قل دل 0 تصرف كإنسان يعرف أكثر مما يقول , ويقول : استعد فيما ستقوله , فيصغي إليك الناس 0 وقد أقتبس جون وسلي كثيرا ُ من السفر , كما أنه يستعمل كثيرا ً في الدوائر الإنجليكانية 0
( سفر باروخ ) :
( نحو 100 م ) يقدمون السفر على أن كاتبه باروخ كاتب النبي إرميا عام 582 ق0م , ولكنه يحاول – على الأرجح – تفسير خراب
أورشليم الذي جرى عام 70 م , وهو يحض اليهود على عدم الثورة وعلى الخضوع للإمبراطور , ولكن رغم هذه الوصية , قــام
باركوخبا بثورته على الحكم الروماني عام 132-135 م0 ويحوي الإصحاح السادس من السفر ما يُسمى ( رسالة من إرميا ) يحذر فيها بقوة من الوثنية , ولعله خطاب موجه إلى يعود الإسكندرية 0
( إضافات على دانيال ) :
يحوي سفر دانيال الذي نعرفه 12 إصحاحا ً , ولكن إصحاحا ً جديدا ً أضيف إليه في القرن الأول قبل الميلاد يحوي قصة ( سوسنة )
الزوجة الجميلة لأحد قادة اليهود في بابل , حيث يجتمع في بيتها شيوخ اليهود وقضاتهم , وقد وقع في حبها إثنان من أولئك القــادة
وحاولا الإيقاع بها , وعندما صرخت ادعى الرجلان أنهما وجداها في أحضان شاب , فجاءوا بها للمحاكمة 0 ولما كان شاهدان قــد
اتفقا ضدها , فقد حُكم عليها بالموت 0 ولكن شابا ً اسمه دانيال قاطع المحاكمة وناقش الشاهدين , سائلا ً كلا منهما على حدة : تحت أي شجرة من الحديقة وجدا سوسنة مع الشاب , فاختلفت إجابتهما , وهكذا نجت سوسنة !
( بيل والتنين ) :
قصة أضيفت في القرن الأول قبل الميلاد أيضا ً وعُرفت بالإصحاح الرابع عشر من دانيال , لتظهر غباوة العبادة الوثنية , وتحتوي على قصتين : في القصة الأولى :
سأل الملك كورش دانيال لماذا لا يعبد ( بيل ) مع أنه يأكل يوميا ً كباشا ً كثيرة وزيتا ً ودقيقا ً ؟ ونثر دانيال رمادا ًفي الهيكل في المساء , وفي الصباح أخذ الملك دانيال ليرى كيف أكل بيل على ما قدموه له , ولكن دانيال أشار للملك إلى آثار خطوات الكهنة وعائلاتهم الذين جاءوا ليلا ً وأكلوا الطعام 0 فذبح الملك الكهنة وهدم الهيكل 0
أما قصة التنين فهي قصة أسطورية 0 ويمكن أن نقول إنها وقصة سوسنة وطوبيا ويهوديت قصص يهودية خيالية , ذات قيمة دينية أو
بلا قيمة بالمرة 0
( نشيد الفتية الثلاثة المقدسين ) :
يجيء بعد دانيال 23:2 في الترجمة السبعينية والفولجاتا , وهو يقتبس من مزمور 148 , وتكرر 32 مرة العبارة : سبحوه وعظموا
اسمه للأبد 0
( صلاة منسى ) :
كتبت في عهد المكابيين ( القرن الثاني ق0م ) على زعم أنها صلاة الملك الشرير منسى ملك يهوذا 0 ولعلها كتبت تأسيسا ً على القول
وصلاته والاستجابة له 000 ها هي مكتوبة في سفر أخبار الرائين ( 2 أخبار أيام 19:23 ) وقد كتب أحد الكتبة هذه الصلاة 0
( المكابيين الأول ) :
( في القرن الأول ق0م ) لعله أكثر أسفار الأبوكريفا قيمة ً , لأنه يصف مآثر الإخوة المكابيين الثلاثة : يوداس ويوناثان وسمعان 0 ويُعتبر هذا السفر مع كتابات يوسيفوس أهم مصادر تاريخ هذه الفترة المملوءة بالأحداث من التاريخ اليهودي 0
( المكابيين الثاني ) :
ليس مكملا ً للمكابيين الأول بل مواز له , يروي انتصارات يوداس المكابي , وبه أساطير أكثر مما في المكابيين الأول 0
شهادات تاريخية لاستبعاد الأبوكريفا :
أ- الفيلسوف اليهودي فيلو (20 ق0م-40 م ) اقتبس من كل أسفار العهد القديم , وذكر التقسيم الثلاثي للأسفار , لكنه لم يقتبس بالمرة
من الأسفار المحذوفة على أنها أسفار قانونية 0
ب – المؤرخ اليهودي يوسيفوس ( 30-100 م ) يستبعد أسفار الأبوكريفا ويحسب عدد أسفار العهد القديم 22 كتابا ً 0 وهو لا يقتبس
من كتب الأبوكريفا على أنها أسفار قانونية 0
ج – بالرغم من أن المسيح وكُتاب العهد الجديد اقتبسوا مئات الاقتباسات من جميع الأسفار القانونية , إلا أنهم لم يقتبسوا بالمــــرة
من هذه الأســفار 0
د – لم يعترف علماء اليهود في جامنيا بهذه الأســفار 0
هـ - لم يعترف مجمع من المجامع المسيحية الأولى في القرون المسيحية الأربعة الأولى بقانونية تلك الأسفار 0
و – كتب الكثيرون من آباء الكنيسة الأولين ضد هذه الأسفار من أمثال : أوريجانوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس 0
ز – رفض القديس إيرونيموس ( جيروم ) مترجم الفولجاتا (340-420م ) هذه الأسفار , وقد رفض أولا ً أن يترجم هذه الأسفار إلى
اللاتينية , ولكنه بعد ذلك عمل ترجمة سريعة لبعضها 0 ولكن بعد موته أدخلت هذه الأســــفار إلــى الفولجاتا نقـلا ً عن
الترجمة اللاتينية القديمـــــة 0
ح – رفض الكثيرون من علماء الدين الكاثوليك أســفار الأبوكريفا خلال عصر الإصلاح 0
ط – رفض لوثر ومعه باقي المصلحين هذه الأســــفار 0
ي – لم تدخل هذه الأسفار كأسفار قانونية مقبولة تماما ً عند الكنيسة الكاثوليكية إلا عام 1546 م في مجمع ترنت ز وهو المجمع الذي
انعقد ليقاوم حركة الإصلاح 0
المصدر كتاب وقرار .. بحث دراسي ومنطقي في صحة الكتاب المقدس
تأليف : جوش ماكدويل